شلالات الهراهير بجبل جعرة بلدية تيوت ولاية النعامة

الإنسانية كل الإنسانية، أن تتحول ثقافتنا إلى سلوك في المجتمع. وبما أن كل عمل خيِّر يعد رياء وأذى إذا رافقه الجهر والتّشهير، إلا ما لم يكن على صلة مباشرة بشخص الإنسان، كنظافة البيئة، ونشر العلم والمعرفة، والرفق بالحيوان. وفي هذا الإطار نظمتُ رفقة بعض الأصدقاء حملة على مدار ثلاثة أيام لتنظيف منطقة الهراهير الواقعة بسفح جبل جعرة، بعد أن غزتها القمامة والنفايات -خصوصا بعد أيام عيد الأضحى-
مبادرة الغرض منها تنظيف المحيط من النفايات، وحمل الناس على الاقتداء والتأسي بمثل هذا السلوك. فقد كنت شخصيا تلقيت العديد من الانتقاد على تعريفي بهذه المناطق التي كانت مجهولة للكثير من الناس، فصارت عرضة للتلوّث ورمي القمامة بعد أن أضحت مزارا وقبلة للكثير من العائلات والشباب. لكن إيمانا مني بحق كل مواطن في أن يعرف ما تزخر به بلاده من مقومات طبيعية وسياحية، وأن سلوك المفسدين في الأرض لن يحرم أطفالنا من قضاء أوقات ممتعة رفقه أهاليهم في هذه الأماكن، فكنت دائما ما أحدد هذه الأماكن وأسميها باسمائها بدقة في كل منشور، وإلا لما كان للنشر والتعريف بها أي معنى أو أي قيمة، فعبارة "ما تخبرش وين جاية باش ما يمشولهاش ويفسدوها" دائما ما كنت أرى فيها انتصارا للأشرار على الأخيار، وانهزاما واستسلاما لواقعهم الفاسد، وذريعة لاحتكار فئة قليلة من الناس لمثل هذه المقومات التي هي في الأصل ملك لعامة الناس، على حساب الأغلبية الغافلة.
نحن نعلم جيدا أن كل هذه النفايات التي قمنا بحملها اليوم هي لفئة صغيرة فقط من الذين يقصدون المكان مقارنة بالعدد الكبير من العائلات التي زارت المنطقة خلال الأيام الماضية والتي كانت تحمل مخلفاتها معها أو في بعض الأحيان تقوم بإحراقها أو تدميرها.
في ثقافتنا المحلية ومما تعلمناه من آبائنا وأجدادنا أن ما يخلفه الإنسان من نفايات أو كما يقال له "الوسخ" هو جزء من شرفه، فإذا اطلع أحد على "وسخ" غيره فكأنما اطلع على عورته وصار شرفه عرضة للثّلب وبلا معنى، فكان أجدادنا يحرصون كل الحرص على أن لا يقف أحد على نفايات الخيمة أو الدار وإلا دُنّس شرفه، وعيّر بأقبح الألفاظ. بل كان البدو الذين كانوا أبعد الناس عن التحضر والتمدن أحرص الناس على دفن أي نفايات أو قذارة يجدونها في طريقهم.
في الأخير أتمنى من الأصدقاء هواة التخييم والسياحة الجبلية، أن يُرفقوا في كل منشور يقومون بتنزيله عبر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي حول هذه الأماكن الطبيعية، إرفاق صور تظهر حملهم للنفايات وتنظيفهم للمحيط نهاية كل رحلة، الهدف من ذلك، هو نشر ثقافة نظافة المحيط بين أطفالنا الذين هم أملنا الأخير والوحيد، وليس الغرض منه إعادة تربية المفسدين الذين يدرك جميعنا أن لا أمل في ذلك، فعلى قول المثل العامي "القرد الشارف ما يتربى".
تحياتي لكل النبلاء الأحرار، وشكرا لكل الأصدقاء الذين ساهموا في هذه الحملة. فإلى غاية هذه اللحظة يوجد 0 قمامة في منطقة الهراهير، دير جبل جعرة، بلدية تيوت، ولاية النعامة، الجزائرِ.
أحمد عقون 04 أوت 2020


































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق