أغلبها في المتاحف الغربية
عائلات تملك كنوزا وتتحفظ عليها !
تزخر الجزائر بثـروة هائلة من التراث العربي والمغاربي المخطوط الذي يعاني الإهمال من قبل الباحثين والمختصين، في ظل الطرق التقليدية التي تستعمل لحفظ هذا الميراث الثقافي والحضاري الهام، الذي يتعرض من جهة أخرى لعمليات النهب والسطو المنظمة من طرف >لجان< و>بعثات< أجنبية مختصة، تأتي في إطار >السياحة والبحث العلمي < ·· تعتبر المخطوطات أهم المصادر التي نتعرف من خلالها على ذاكرتنا التاريخية والثقافية وذواتنا وأصالتنا الجزائرية، كما تعد نافذة نستشف منها إسهامات شعوب المغرب الإسلامي في مختلف المجالات العلمية والفكرية والاجتماعية، وقد تعرضت هذه الثروة الحضارية أيام الحقبة الاستدمارية إلى عمليات سطو أتت على الكتب القديمة والنادرة والمخطوطات الأثرية التي يعود بعضها إلى القرن السابع عشر ميلادي، حيث رافقت العمليات العسكرية والمداهمات التي كان يقوم بها الفرنسيون، سرقات شملت ما تحتويه المكتبات العامة والخاصة في المساجد والزوايا والدور، وقد لقيت مكتبة الأمير عبد القادر المصير نفسه بعد سقوط عاصمته المتنقلة >الزمالة< سنة ,1843 وتلت هذه العملية، عمليات نهب وسطو على مختلف المخطوطات في مختلف المجالات، وقد أسفرت عملية الجرد الأخير التي قامت بها وزارة الثقافة عن إحصاء 35 ألف مخطوط على المستوى الوطني، وهو رقم يظل بعيدا عن الواقع حسب المختصين إذا ما نظرنا إلى الكم الهائل الذي تمت سرقته وتهريبه إلى الدول الأوروبية طيلة قرون خلت · وحسب ذات الجرد فإن أقدم المخطوطات توجد بالمكتبة الوطنية التي تتوفر على قرابة الـ 3649 مخطوطا عربيا وفارسيا وتركيا، بعضها ثمين لقدمها حيث يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر والثاني والثالث عشر ميلادي، وكذلك لندرتها وقيمة رسوماتها· غير أن الكم الهائل والهام من المخطوطات الذي تتوفر عليه المكتبة الوطنية لا يمكن مقارنته بذلك الموجود في الخزائن والمكتبات الخاصة التي تمتلكها العائلات الجزائرية والزوايا والتي يصعب جردها وتقويمها وتحديد أمكنتها لأسباب عديدة · ذاكرتنا في المزادات العلنية لاتزال المخطوطات الجزائرية في مناطق الجنوب وولايات أدرار وبشار تتعرض لعمليات السطو، حيث يتم تهريب تلك الثروات عبر الحدود لتسوق في محلات المقتنيات النادرة بأوروبا أو تباع كقطع أثرية للمتاحف الغربية بل بلغ الأمر درجة أن أصبح حجم المخطوطات الجزائرية المتواجدة في المتاحف والمحلات التركية والفرنسية والروسية والأمريكية يفوق بكثير حجم المخطوطات المتواجدة بالجزائر، فعلى سبيل المثال، مكتبة الأمير عبد القادر وميراثه الذي أحرق جزء منه والجزء الباقي نقل إلى فرنسا يوجد بأحد أقسام متحف >اللوفر< ، كما تمت أيضا سرقة باخرة الرايس حميدو بما تحمله من مقتنيات وكتب خاصة به، وهي موجودة حاليا ببالتيمور أحد السواحل الأمريكية، وقد رممت وأقيمت كمتحف · كما استغل حرق المكتبة الوطنية في جوان 62 في نهب نفائسها ومخطوطاتها وكتبها النادرة ، بالإضافة إلى أن المكتبة العلوية بالمغرب تحتوي على مخطوطات وكنوز جزائرية تمت سرقتها من المناطق الحدودية وبشار على التحديد، وقد تم في هذا الإطار حسب ما تناولته الصحف الجزائرية سنة 2001 ضبط شاحنات محملة بالمخطوطات متجهة نحو المغرب · ويمكن القول إن جرد المخطوطات الذي قامت به وزارة الثقافة في السنوات الأخيرة قد عرف بعض الصعوبات، حيث أن المكتبات والخزائن العائلية في مناطق الجنوب وما تزخر به من مخطوطات نادرة يصعب حصرها والتعرف على محتوياتها بالنظر إلى التكتم والتحفظ الذي تبديه العائلات حول الموضوع، وفي هذه النقطة يقول الدكتور عبد المنعم القاسمي الحسيني حفيد العلامة المعروف محمد بن أبي القاسم من زاوية الهامل، إن المكتبة القاسمية التي تمتلكها العائلة تحتوي على مخطوطات ثمينة تركها جده وهي مفتوحة لمن شاء من الباحثين والدارسين والطلبة الذين يتوافدون عليها بكثرة، ويضيف القاسمي أنه قبل مطالبة العائلات بتلك المخطوطات أو نسخ عنها من قبل الجهات الرسمية ينبغي أن نتساءل أولا عن دور المؤسسات العلمية والثقافة والوزارة في سبيل طبع ونشر المخطوطات والحفاظ عليها · ويرى أيضا أن الإشكال ليس في المكتبات الخاصة، بل بالدولة والمكتبة الوطنية وموقفها من فائدة هذه المخطوطات الذي يبقى مبهما ويشوبه التردد والإهمال· ويعتقد القاسمي أن الأسر لو وجدت الثقة في المسؤولين لما ترددت في تسليمها ما تملك من مخطوطات، غير أن الجهات الوصية ـ حسب المتحدث ـ غير مؤهلة للحفاظ على هذا الإرث الثمين بدليل الضياع والسرقات التي طالت المخطوطات في المكتبة الوطنية بعد الاستقلال، وعن عدم قدرة العائلات في ترميم والحفاظ على مخطوطاتها يقول القاسمي أنه لو لم تكن محافظة تلك الأسر في المستوى لما بقيت إلى الآن بعد القرون التي مضت، غير أنه لم ينف صعوبة الحفاظ على المخطوطات في ظل قلة الإمكانيات والأجهزة، إذ أن ترميم مخطوط واحد يتطلب ما لا يقل عن 3000 دينار ويؤكد صاحب كتاب >المؤلفات الصوفية في الجزائر< الصادر في جوان 2005 أن القسم الأكبر الذي يبقى مجهولا من المخطوطات الجزائرية تملكه العائلات، فمكتبة >علي بن عمر< التابعة لزاوية طولفة مثلا تعد من أغنى المكتبات كما ثمن القاسمي المجهودات الفردية التي قامت بها زاوية الهامل في الحفاظ على مخطوطاتها حيث قامت بترميمها وفهرستها وطبعها في كتاب صادر عن دار الغرب الإسلامي في بيروت· وقال >مكتباتنا تقدم تسهيلات كبيرة للباحثين، ففي حين ينتظر الباحث أكثر من شهر حتى تسلم له المكتبة الوطنية نسخة (قرص مضغوط) عن المخطوط، تقدم له زاوية الهامل التي تمتلك مكتبتها أكثر من 800 عنوان من المخطوطات النادرة والهامة، النسخة في لحظات < · كما طالب القاسمي بضرورة استرجاع المخطوطات الموجودة خارج الوطن، إذ يقول إن معظم التراث الصوفي موجود في الدول الأجنبية كمصر وتركيا ومكتبة أوقاس ببغداد، وأفصح كذلك عن مشروع >المركز الوطني للدراسات والأبحاث الصوفية< الذي قدمته زاوية الهامل لوزارة الثقافة ولقي الترحاب والقبول، ويعني المشروع بجمع كل التراث الصوفي والمخطوطات ونشره · لا يمكن التنازل عن شرف العائلة من جهته أوضح محمد السالم بن عبد الكبير الذي تعتبر مكتبة عائلته (بن عبد الكبير) أكبر مكتبة في أدرار أن اللجنة التي شكلتها الوزارة للقيام بالجرد لم تكن مؤهلة، لأنها ضمت أشخاصا لا علاقة لهم بالموضوع، وأكد أن مكتبة عائلته ظلت مفتوحة دوما للباحثين الذي يأتون في وفود من فرنسا والهند ودول أخرى، وعن رفض العائلات تسليم وتصوير مخطوطاتها يقول: >بالنسبة لي لن أسمح بإفساد مخطوط كتبه جدي بخط يده عن طريق التصوير بالليزر وآلات النسخ التي تضر بالمخطوط بالنظر إلى حساسيته··< وألح على ضرورة إمداد الدولة للزاوية بالأجهزة الحديثة لترميم وصيانة الكتب، وهي مطالب لم تلق أي صدى حسبه ··· من جهته أكد الدكتور والباحث في التراث الصوفي زعيم خنشلاوي أن تخوف العائلات مفهوم، لكن بالمقابل مطالبة الوزارة بصورة عن تلك المخطوطات مشروع أيضا، وأضاف أنه على الدولة التفكير في ضمان قانوني يحترم ملكية تلك العائلات لما تحتويه خزائنها، فهي تفضل الاحتفاظ بما تملك بصورته الهشة على أن تفقده·· أو ينتزع منها··· ويرى د· خنشلاوي أنه لحد الآن لا يمكننا معرفة أقدم مخطوط في الجزائر ما دامت العائلات متحفظة بشأن فتح خزائنها، غير أنه يؤكد أن أقدم تلك المخطوطات هي مصاحف مكتوبة على الرق هي تلك الموجودة في الجنوب، ولا تعلم السلطات عنها شيئا، ويضيف أن أرقى وأقدم المخطوطات موجودة حاليا في المتاحف الغربية أين يتم استغلالها بالشكل الذي يدر أموالا طائلة من خلال زوار تلك المتاحف، أما في الجزائر فهناك إهمال لهذه الثروة التاريخية · محمد بن بريكة، المنسق الأعلى للطريقة القادرية
صرنا نتفرج على ذاكرتنا في متاحف الغربيين
يتحسر محمد بن بريكة على الوضعية التي آلت إليها المخطوطات في الجزائر مطالبا في هذا الحوار باستعادة الذاكرة الوطنية المهملة ·
ماهو دور المخطوط في التعريف والحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخي؟
المخطوط من المحفوظات النادرة التي يجب الحفاظ عليها والاعتناء بها نظرا إلى ثلاثة أسباب، الأول هو أن فقدان هذا النوع من التراث العلمي يعد خسارة كبيرة في عصر يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيات الحديثة في نقل وتوثيق المعلومات، ثانيا من باب الاعتراف بالجميل لمن تعب في كتابة تلك المخطوطات، وثالثا فالمخطوط يعد جزءًا من تاريخنا وهويتنا، وأرى أن المخطوط يجب أن يُخَص بعناية رسمية وكذا من قبل الباحثين، إذ يجب توفير مراكز لدراسة وحفظ المخطوطات لحمايتها من الإندثار، ففقدانها هو فقدان جزء هام من تاريخنا ·
كيف يحافظ الباحث على المخطوط؟
على الباحثين والنخبة توزيع الطلبة والدارسين على ورشات واستضافة باحثين أجانب للتعريف بهذا التراث النفيس إلى جانب اعتناء أصحاب المخطوطات بها وتعاونهم مع الباحثين ·
الكثير من العائلات ترفض حتى إعطاء نسخ عن مخطوطاتها بدعوى أنها تمثل شرفا وإرثا عائليا؟
الخوف مشروع، فبعض التجارب السيئة في العالم كتهريب المخطوطات وسرقتها تبرر هذا الخوف، وأيضا تعرضها للنهب من قبل المستعمر الفرنسي، لدرجة أنْ صرنا نطلع على تراثنا في المتاحف الغربية!، من جهة أخرى فبعض الباحثين يُبدون أنانية حين تصلهم المخطوطات حيث يفضلون الاحتفاظ بها أو بيعها·· لكن الخوف من هذه الأشياء يجب أن يعالج بقوانين تعطي الضمان لأصحاب المخطوطات ضد السرقة والإتلاف ·
هل تحتفظ ببعض المخطوطات النادرة؟
نعم لدي الكثير من المخطوطات التي ورثتها عن عائلتي وأنا بصدد تحقيقها وترتيبها، ومؤخرا وصلني مخطوط نادر في علم التصوّف وهو قيد الدراسة والتحقيق، وأقول لك إن أقدم مخطوط إطلعت عليه يعود تاريخه إلى 600 سنة وهو في الفقه المالكي، كما أن هناك مخطوطات موجودة في أدرار يعود عهدها إلى 03 قرون قبل الميلاد ·
عائلات تملك كنوزا وتتحفظ عليها !
تزخر الجزائر بثـروة هائلة من التراث العربي والمغاربي المخطوط الذي يعاني الإهمال من قبل الباحثين والمختصين، في ظل الطرق التقليدية التي تستعمل لحفظ هذا الميراث الثقافي والحضاري الهام، الذي يتعرض من جهة أخرى لعمليات النهب والسطو المنظمة من طرف >لجان< و>بعثات< أجنبية مختصة، تأتي في إطار >السياحة والبحث العلمي < ·· تعتبر المخطوطات أهم المصادر التي نتعرف من خلالها على ذاكرتنا التاريخية والثقافية وذواتنا وأصالتنا الجزائرية، كما تعد نافذة نستشف منها إسهامات شعوب المغرب الإسلامي في مختلف المجالات العلمية والفكرية والاجتماعية، وقد تعرضت هذه الثروة الحضارية أيام الحقبة الاستدمارية إلى عمليات سطو أتت على الكتب القديمة والنادرة والمخطوطات الأثرية التي يعود بعضها إلى القرن السابع عشر ميلادي، حيث رافقت العمليات العسكرية والمداهمات التي كان يقوم بها الفرنسيون، سرقات شملت ما تحتويه المكتبات العامة والخاصة في المساجد والزوايا والدور، وقد لقيت مكتبة الأمير عبد القادر المصير نفسه بعد سقوط عاصمته المتنقلة >الزمالة< سنة ,1843 وتلت هذه العملية، عمليات نهب وسطو على مختلف المخطوطات في مختلف المجالات، وقد أسفرت عملية الجرد الأخير التي قامت بها وزارة الثقافة عن إحصاء 35 ألف مخطوط على المستوى الوطني، وهو رقم يظل بعيدا عن الواقع حسب المختصين إذا ما نظرنا إلى الكم الهائل الذي تمت سرقته وتهريبه إلى الدول الأوروبية طيلة قرون خلت · وحسب ذات الجرد فإن أقدم المخطوطات توجد بالمكتبة الوطنية التي تتوفر على قرابة الـ 3649 مخطوطا عربيا وفارسيا وتركيا، بعضها ثمين لقدمها حيث يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر والثاني والثالث عشر ميلادي، وكذلك لندرتها وقيمة رسوماتها· غير أن الكم الهائل والهام من المخطوطات الذي تتوفر عليه المكتبة الوطنية لا يمكن مقارنته بذلك الموجود في الخزائن والمكتبات الخاصة التي تمتلكها العائلات الجزائرية والزوايا والتي يصعب جردها وتقويمها وتحديد أمكنتها لأسباب عديدة · ذاكرتنا في المزادات العلنية لاتزال المخطوطات الجزائرية في مناطق الجنوب وولايات أدرار وبشار تتعرض لعمليات السطو، حيث يتم تهريب تلك الثروات عبر الحدود لتسوق في محلات المقتنيات النادرة بأوروبا أو تباع كقطع أثرية للمتاحف الغربية بل بلغ الأمر درجة أن أصبح حجم المخطوطات الجزائرية المتواجدة في المتاحف والمحلات التركية والفرنسية والروسية والأمريكية يفوق بكثير حجم المخطوطات المتواجدة بالجزائر، فعلى سبيل المثال، مكتبة الأمير عبد القادر وميراثه الذي أحرق جزء منه والجزء الباقي نقل إلى فرنسا يوجد بأحد أقسام متحف >اللوفر< ، كما تمت أيضا سرقة باخرة الرايس حميدو بما تحمله من مقتنيات وكتب خاصة به، وهي موجودة حاليا ببالتيمور أحد السواحل الأمريكية، وقد رممت وأقيمت كمتحف · كما استغل حرق المكتبة الوطنية في جوان 62 في نهب نفائسها ومخطوطاتها وكتبها النادرة ، بالإضافة إلى أن المكتبة العلوية بالمغرب تحتوي على مخطوطات وكنوز جزائرية تمت سرقتها من المناطق الحدودية وبشار على التحديد، وقد تم في هذا الإطار حسب ما تناولته الصحف الجزائرية سنة 2001 ضبط شاحنات محملة بالمخطوطات متجهة نحو المغرب · ويمكن القول إن جرد المخطوطات الذي قامت به وزارة الثقافة في السنوات الأخيرة قد عرف بعض الصعوبات، حيث أن المكتبات والخزائن العائلية في مناطق الجنوب وما تزخر به من مخطوطات نادرة يصعب حصرها والتعرف على محتوياتها بالنظر إلى التكتم والتحفظ الذي تبديه العائلات حول الموضوع، وفي هذه النقطة يقول الدكتور عبد المنعم القاسمي الحسيني حفيد العلامة المعروف محمد بن أبي القاسم من زاوية الهامل، إن المكتبة القاسمية التي تمتلكها العائلة تحتوي على مخطوطات ثمينة تركها جده وهي مفتوحة لمن شاء من الباحثين والدارسين والطلبة الذين يتوافدون عليها بكثرة، ويضيف القاسمي أنه قبل مطالبة العائلات بتلك المخطوطات أو نسخ عنها من قبل الجهات الرسمية ينبغي أن نتساءل أولا عن دور المؤسسات العلمية والثقافة والوزارة في سبيل طبع ونشر المخطوطات والحفاظ عليها · ويرى أيضا أن الإشكال ليس في المكتبات الخاصة، بل بالدولة والمكتبة الوطنية وموقفها من فائدة هذه المخطوطات الذي يبقى مبهما ويشوبه التردد والإهمال· ويعتقد القاسمي أن الأسر لو وجدت الثقة في المسؤولين لما ترددت في تسليمها ما تملك من مخطوطات، غير أن الجهات الوصية ـ حسب المتحدث ـ غير مؤهلة للحفاظ على هذا الإرث الثمين بدليل الضياع والسرقات التي طالت المخطوطات في المكتبة الوطنية بعد الاستقلال، وعن عدم قدرة العائلات في ترميم والحفاظ على مخطوطاتها يقول القاسمي أنه لو لم تكن محافظة تلك الأسر في المستوى لما بقيت إلى الآن بعد القرون التي مضت، غير أنه لم ينف صعوبة الحفاظ على المخطوطات في ظل قلة الإمكانيات والأجهزة، إذ أن ترميم مخطوط واحد يتطلب ما لا يقل عن 3000 دينار ويؤكد صاحب كتاب >المؤلفات الصوفية في الجزائر< الصادر في جوان 2005 أن القسم الأكبر الذي يبقى مجهولا من المخطوطات الجزائرية تملكه العائلات، فمكتبة >علي بن عمر< التابعة لزاوية طولفة مثلا تعد من أغنى المكتبات كما ثمن القاسمي المجهودات الفردية التي قامت بها زاوية الهامل في الحفاظ على مخطوطاتها حيث قامت بترميمها وفهرستها وطبعها في كتاب صادر عن دار الغرب الإسلامي في بيروت· وقال >مكتباتنا تقدم تسهيلات كبيرة للباحثين، ففي حين ينتظر الباحث أكثر من شهر حتى تسلم له المكتبة الوطنية نسخة (قرص مضغوط) عن المخطوط، تقدم له زاوية الهامل التي تمتلك مكتبتها أكثر من 800 عنوان من المخطوطات النادرة والهامة، النسخة في لحظات < · كما طالب القاسمي بضرورة استرجاع المخطوطات الموجودة خارج الوطن، إذ يقول إن معظم التراث الصوفي موجود في الدول الأجنبية كمصر وتركيا ومكتبة أوقاس ببغداد، وأفصح كذلك عن مشروع >المركز الوطني للدراسات والأبحاث الصوفية< الذي قدمته زاوية الهامل لوزارة الثقافة ولقي الترحاب والقبول، ويعني المشروع بجمع كل التراث الصوفي والمخطوطات ونشره · لا يمكن التنازل عن شرف العائلة من جهته أوضح محمد السالم بن عبد الكبير الذي تعتبر مكتبة عائلته (بن عبد الكبير) أكبر مكتبة في أدرار أن اللجنة التي شكلتها الوزارة للقيام بالجرد لم تكن مؤهلة، لأنها ضمت أشخاصا لا علاقة لهم بالموضوع، وأكد أن مكتبة عائلته ظلت مفتوحة دوما للباحثين الذي يأتون في وفود من فرنسا والهند ودول أخرى، وعن رفض العائلات تسليم وتصوير مخطوطاتها يقول: >بالنسبة لي لن أسمح بإفساد مخطوط كتبه جدي بخط يده عن طريق التصوير بالليزر وآلات النسخ التي تضر بالمخطوط بالنظر إلى حساسيته··< وألح على ضرورة إمداد الدولة للزاوية بالأجهزة الحديثة لترميم وصيانة الكتب، وهي مطالب لم تلق أي صدى حسبه ··· من جهته أكد الدكتور والباحث في التراث الصوفي زعيم خنشلاوي أن تخوف العائلات مفهوم، لكن بالمقابل مطالبة الوزارة بصورة عن تلك المخطوطات مشروع أيضا، وأضاف أنه على الدولة التفكير في ضمان قانوني يحترم ملكية تلك العائلات لما تحتويه خزائنها، فهي تفضل الاحتفاظ بما تملك بصورته الهشة على أن تفقده·· أو ينتزع منها··· ويرى د· خنشلاوي أنه لحد الآن لا يمكننا معرفة أقدم مخطوط في الجزائر ما دامت العائلات متحفظة بشأن فتح خزائنها، غير أنه يؤكد أن أقدم تلك المخطوطات هي مصاحف مكتوبة على الرق هي تلك الموجودة في الجنوب، ولا تعلم السلطات عنها شيئا، ويضيف أن أرقى وأقدم المخطوطات موجودة حاليا في المتاحف الغربية أين يتم استغلالها بالشكل الذي يدر أموالا طائلة من خلال زوار تلك المتاحف، أما في الجزائر فهناك إهمال لهذه الثروة التاريخية · محمد بن بريكة، المنسق الأعلى للطريقة القادرية
صرنا نتفرج على ذاكرتنا في متاحف الغربيين
يتحسر محمد بن بريكة على الوضعية التي آلت إليها المخطوطات في الجزائر مطالبا في هذا الحوار باستعادة الذاكرة الوطنية المهملة ·
ماهو دور المخطوط في التعريف والحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخي؟
المخطوط من المحفوظات النادرة التي يجب الحفاظ عليها والاعتناء بها نظرا إلى ثلاثة أسباب، الأول هو أن فقدان هذا النوع من التراث العلمي يعد خسارة كبيرة في عصر يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيات الحديثة في نقل وتوثيق المعلومات، ثانيا من باب الاعتراف بالجميل لمن تعب في كتابة تلك المخطوطات، وثالثا فالمخطوط يعد جزءًا من تاريخنا وهويتنا، وأرى أن المخطوط يجب أن يُخَص بعناية رسمية وكذا من قبل الباحثين، إذ يجب توفير مراكز لدراسة وحفظ المخطوطات لحمايتها من الإندثار، ففقدانها هو فقدان جزء هام من تاريخنا ·
كيف يحافظ الباحث على المخطوط؟
على الباحثين والنخبة توزيع الطلبة والدارسين على ورشات واستضافة باحثين أجانب للتعريف بهذا التراث النفيس إلى جانب اعتناء أصحاب المخطوطات بها وتعاونهم مع الباحثين ·
الكثير من العائلات ترفض حتى إعطاء نسخ عن مخطوطاتها بدعوى أنها تمثل شرفا وإرثا عائليا؟
الخوف مشروع، فبعض التجارب السيئة في العالم كتهريب المخطوطات وسرقتها تبرر هذا الخوف، وأيضا تعرضها للنهب من قبل المستعمر الفرنسي، لدرجة أنْ صرنا نطلع على تراثنا في المتاحف الغربية!، من جهة أخرى فبعض الباحثين يُبدون أنانية حين تصلهم المخطوطات حيث يفضلون الاحتفاظ بها أو بيعها·· لكن الخوف من هذه الأشياء يجب أن يعالج بقوانين تعطي الضمان لأصحاب المخطوطات ضد السرقة والإتلاف ·
هل تحتفظ ببعض المخطوطات النادرة؟
نعم لدي الكثير من المخطوطات التي ورثتها عن عائلتي وأنا بصدد تحقيقها وترتيبها، ومؤخرا وصلني مخطوط نادر في علم التصوّف وهو قيد الدراسة والتحقيق، وأقول لك إن أقدم مخطوط إطلعت عليه يعود تاريخه إلى 600 سنة وهو في الفقه المالكي، كما أن هناك مخطوطات موجودة في أدرار يعود عهدها إلى 03 قرون قبل الميلاد ·
أهمية المخطوط تكمن في طبعه ونشره للاستفادة من محتواه العلمي وإلا ما فائدة بقائه عن هذه العائلة ليموت صاحبه وعمله كأن لم يكن يوما .
ردحذفماهو البعد التاريخي و العلمي و الحضاري للمخطوطات ؟
حذفبحوزتى مصحف مخطوط يرجع إلى حوالي أربعمئةسنة
ردحذف