إحدى محطات الصخور المنقوشة بالجنوب الغربي الجزائري الأعلى

 

إحدى محطات الصخور المنقوشة بالجنوب الغربي الجزائري الأعلى.
للأسف سأتحفَّظ عن اسمها أو موقعها حتى لا تطالها يد التخريب الكَوْنَازي.
تضمّ المحطة جدارية منقوشة، لا يزال النصف السفلي منها مغموراً بالرمال، ويُرجّح أن الصخرة الأم قد انهارت من أعلى التلة في زمن قديم، تضم الجدارية رموز وأشكال غامضة وغريبة، مثل: حصان ممتطى، جمل بهودج، يد غير منمّقة، حيوانات مهجنة.. الخ، وهي أقرب إلى ما يُعرف اليوم ب "المْحَاجِيَة"، ظهور النجمة والهلال إضافة إلى لون الزنجرة الغامق، يدلان على أن النقش يرجع إلى فترة مبكرة من ظهور الإسلام في المنطقة.
ربما تروي هذه المحطة أسطورة فارس أنقذ سيدة رفيعة المقام من الأسر، فغالباً ما كانت الأشكال شبه المربعة ترمز إلى متاع القوافل، كالهوادج، والصناديق، وقد يُشير ذلك إلى بطولة هذا الفارس ومن معه في الدفاع عن القافلة، أو على النقيض من ذلك، إلى التفاخر بنهبها وسلبها وأسر من فيها، والانتصار على حراسها. وظهور رمز اليد وسط النقوش يدل على إحكام السيطرة والنفوذ، تخليداً لهذه الأحداث في نقش أبدي على الصخر.
في الجهة المقابلة، تظهر نقوش تعود إلى فترة متأخرة من العصر الحجري الحديث، تمثل: طائر النعام، وحيواناً بقرياً، وحيواناً مفترساً، والفيل.
لحسن الحظ، تحظى المحطة بحماية أحد الرُّحل الذي ينصب خيمته بجوارها ويسهر على حراستها ليلاً ونهاراً، جزاه الله خيراً
. .
أحمد عقون.



محطة الصخور المنقوشة الڨلموز لحمر الغربي

 محطة الصخور المنقوشة الڨلموز لحمر الغربي

هي واحدة من ضمن مجموعة محطات جنوب قرية الدغيمة على مسافة 12 كلم وارتفاع 1500متر تقريبا، تتبع إقليميا لبلدية المحرّة،الولاية المنتدبة الأبيض سيد الشيخ، ولاية البيَّض (الجنوب الغربي الجزائري) 

وهي من المحطات التي اكتشفها هنري لوت سنة 1955م، يعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث، تضم مجموعة من النقوش أهمها مشهد الراهب الذي يؤدي طقوسا تعبدية، من خلال رفع اليدين، وريش النعام فوق رأسه، وبروز عضو الذكورة، تدل هذه الرموز على أولى بواكير الإنقلاب الذكوري في ذلك العصر. بالإضافة إلى مجموعة من حيوانات النيوليتيك أهمها الأسد والثور النعامة وابن آوى. 

لحسن الحظ المحطة لم تتعرض للتخريب وذلك بفضل الدور التطوعي الذي يؤديه البدو الرحل في المنطقة من خلال حماية هذه المحطات من الاعتداء والتخريب، على رأسهم السيد بلال عبد الجبار الذي أقدم له جزيل الشكر على ذلك.

أحمد عقون 2024




وثيقة بخط جد الشيخ سيدي محمد بلكبير

 الوثيقة المرفقة أدناه من خزانة المرحوم محمد بن عبد الله النواوي من قصر تيوت، وهو جد الأستاذ والصديق شريف بن واز، تعود لسنة 1870م من توقيع الشيخ محمد بلكبير التواتي، وهي تتضمن عقد اتفاق بين فرع من عرش اولاد عليات العمور وهم اولاد العربي بن ڨانة (الڨوانة)  وفرع من عرش المغاولية وهم اولاد علي، لا توضح الوثيقة بدقة سبب التحاكم عند محررها، لكن عبارة "وصاروا خاوة في المزراڨ" تدل على تراضي طرفي النزاع على قسمة ما، قد تكون أرض، أوميراث، أو ماشية، أو ما شابه ذلك.. ويبدو أن لهذه العبارة مدلولها الخاص في ذلك الزمن، أما عبارة "على الشريعة" "والتقوى" فتدل على أن الأمر المتنازع فيه مشروع وليس نزاعا حول غزوة أو طيحة أو سلب، وكلمة مزراق هي كلمة عربية فصيحة تعني الرمح، وفي لغتنا العامية تدل على القسمة والنصيب مثلها مثل كلمة السّهم. 

ذكر محرر الوثيقة أسماء بعض شيوخ اولاد عليات، وتجاهل أسماء ممثلي اولاد علي المغاولية، يدل هذا على أن من طلب التحاكم هم اولاد عليات وهم المعنيين به أكثر، وما يؤكده هو إكرامهم لوفد جماعة اولاد علي بذبيحة وهذا منتهى الكرم عند القبائل العربية البدوية، فعبارة "دبحوا العمور على اولاد علي" تدل كذلك على أن الاتفاق وقع عند اولاد عليات. 

من المرجح جدا أن الاتفاق وقع بقصر تيوت أو بباديتها، وقد يكون موضوعه حول أرض هناك، حيث تؤكد وثائق البيوع القديمة على امتلاك عرش المغاولية واولاد عليات أراض للزراعة بواحة تيوت قديما. 

كما يشترك عرش اولاد علي وعرش اولاد عليات في المراعي الواقعة بين جنوب بلدية عين بن خليل وشمال بلدية العين الصفراء، حيث يتواجد ما يعرف محليا بـ "الڨمير" وهو علامة كان يضعها البدو لتحديد مجالات الرعي ويمتد من جبل مرغاد غربا، إلى حرازة، والحجرات الطوال شرقا. 


أما عن كاتب الوثيقة فهو محمد بلكبير التواتي والذي من المرجح جدا أنه جد الشيخ سيدي محمد بلكبير التواتي شيخ زاوية أدرار، وما يعطي هذه الفرضية وجاهتها هو ما يلي:


أولا: من ناحية الاتساق بين الفترة الزمنية والإسم فلا يوجد أي تناقض في أن يكون محمد بلكبير التواتي هو جد الشيخ سيدي محمد بلكبير، فهو الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد بلكبير التواتي. 


ثانيا: لايمكن أن ينسب أحد إلى منطقة ما باسم تحمله أكثر من عائلة واحدة كما جرت العادة في كل بلاد العرب، مثلا نسبة بلكبير التواتي تجدها لدى عائلة واحدة فقط تجمعها رابطة دموية في إقليم توات، لكن قد تجد بلكبير الفيلالي، أو بلكبير السمغوني، أو غيره دون أن تكون بينهما رابطة دموية، هذا يعني أن كاتب الوثيقة هو أحد أصول أو أحد حواشي أصول الشيخ سيدي محمد بلكبير التواتي تغمدهم الله برحمته الواسعة. 

ثالثا: علاقة منطقة ولاية النعامة بمنطقة توات وڨورارة علاقة اتصال وتواصل منذ القدم، فكان أغلب الفقهاء ومدرسي القرآن يتوافدون من إقليم توات وڨورارة لأجل القيام بمهمة الإمامة أو تدريس القرآن وفي حالات خاصة تولي مهمة التوثيق، فلا غرابة أن يكون جد سيدي محمد بالكبير قد وفد إلى قصر تيوت وتولى مهمة التوثيق هناك، أو عند قبيلة بدوية مجاورة للقصر في فترة من الفترات، توجد لدينا وثيقتين بتوقيعه من قصر تيوت ووثيقة من قصر الصفيصيفة قد نأتي على ذكرهم في قادم الأيام بحول الله. 


رابعا: يعرف عن الشيخ سيدي محمد بالكبير أنه اشتغل بالتدريس في منطقة المشرية خلال ثلاثينيات القرن الماضي، بالضبط بمنطقة ممكن بن عمار لدى عرش البكاكرة، وهناك تزوج امرأة من عائلة المكي تدعى حليمة بنت بوجمعة البكاري، هذا قد يثبت وجود صلات قديمة بين أجداد الشيخ محمد بن بلكبير وأهل المنطقة. 


في الأخير تبين لنا الوثيقة أن روح التسامح والتآخي كانت هي أساس العلاقات الاجتماعية والاقتصادية السائدة بين جميع عروش وقبائل المنطقة، وهو ما يفسر اتحاد هذه القبائل في مواجهة ومقاومة الاستعمار الفرنسي منذ دخوله إلى غاية ثورة التحرير الوطني واستقلال الجزائر في 05 جويلية 1962.


في النهاية ومن باب الطرفة (خاوتنا المغاولية راهم يسالوكم اولاد عليات عرضة باش تردوها عليهم، وعرضوني معاهم) 


نص الوثيقة:

"الحمد لله وحده صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله

 تحاكموا لدينا جماعة اولاد علي وقبيلة العمور من اولاد عليات اولاد العربي بن ڨانة أخص منهم براهيم ولد العربي وأخيه عيسى بن النسب ومحمد بن النسب والطيب بن زروال كلهم اولاد العربي بن ڨانة ومن تبعهم من قبيلتهم العمور دخل في هذا الأمر ودبحوا العمور المذكورين على اولاد علي المذكورين وقبلوهم وتراضوا بما يليق بهم من جميع الأمور على الشريعة وغيرها وصاروا خاوة بعضهم بعضا في المزراڨ ومن بدل وغير فإن الله يحاسبه والله تعالى يوفق للصواب وكونوا إخوانا على التقوى طال الزمان أم قصر وكتب في الأربعاء آخر جمادى الأول عام سبعة وثمانين ومائتين وألف عبد ربه تعالى محمد بن الكبير التواتي لطف الله به آمين"

أحمد عقون جويلية 2024





محطة الصخور المنقوشة ڨلموز أم الشڨاڨ

 حتى الإنسان الحجري لم يسلم من السرقات الأدبية.. 

دليل أركيولوجي، يبين أن السرقات الأدبية ظهرت منذ عصور ما قبل التاريخ.

محطة اليوم هي محطة الصخور المنقوشة ڨلموز أم الشڨاڨ الواقعة غرب محطة أم الشڨاڨ الرئيسية والتي سبق وقد خصصت لها منشورا فيما سبق، تبعد عنها مسافة 07 كلم، تقع المحطة جنوب قرية الدغيمة، على مسافة سبعة 17 كلم، وهي تابعة إقليميا لبلدية المحرّة، الولاية المنتدبة الأبيض سيد الشيخ، ولاية البيَّض (الجنوب الغربي الجزائري).

يبدو أن المحطة استمدت اسمها من محطة أم الشڨاڨ المجاورة لها، فقد لاحظ أهالي المنطقة تشابها للنقوش فأطلقوا عليها اسم "ڨلموز أم الشڨاڨ" ورغم أنها لا تبعد كثيرا عن المحطة الرئيسية، إلا أن الباحثين الذين مرّوا على المنطقة لم يأتوا على ذكرها، قد يكون السبب في ذلك أنها كانت مغمورة بالرمال يومها، إذ لايزال جزء كبير من الجدارية تحت الرمال. 

يظهر من خلال زنجرة الخطوط ورداءة النقوش أنها ترجع لفترة حديثة نسبيا مقارنة بمحطة أم الشڨاڨ، وأهم ما يشد الانتباه في هذه المحطة هو مشهد الكبشين المتقابلين، حاول إنسان ذلك العصر بأسلوب رديئ نسخ الكبشين المتقابلين بمحطة أم الشڨاڨ وٱهمل العديد من التفاصيل. كما تتواجد بالجدارية مشاهد تخطيطية للإنسان والحصان، يرجع تاريخها إلى مرحلة الحصان وفجر التاريخ، خلف الجدارية نشاهد محاولة لتمثيل قوس مع السهم ومشاهد لفرسان يمتطون خيولا تدل على فترة استئناس الخيل بشمال إفريقيا بداية من أواخر الألفية الثانية قبل الميلاد. 

لحسن الحظ أن المحطة تتواجد بمكان منعزل وبعيدا عن يد التخريب، بجوار خيام للبدو الرحل يسهرون على حمايتها والحفاظ عليها.

فما رأيكم أصدقائي هل يدل هذا على وجود السرقات الأدبية منذ العصور الحجرية؟ أم أن هذا مجرد تقليد تافه في عصر عرف تدهورا كبيرا للفن الصخري جراء الجفاف الذي ضرب المنطقة خلال فجر التاريخ ؟

أحمد عقون 2024