محطة الفيلة بأعالي مير الجبال بالعين الصفراء ولاية النعامة

 قد لا أبالغ حين أقول: إنها أعلى محطة للصّخور المنقوشة في إفريقيا، وربما في العالم أجمع. 

هذه الجزئية بالذات هي موضوع بحث كامل ومتفرّد، يحتاج إلى دراسة متخصصة في الموضوع قد تغير الكثير من مفاهيمنا وتصوراتنا حول نمط وأسلوب عيش إنسان العصر الحجري. 

محطة الفيلة بأعالي مير الجبال بالعين الصفراء ولاية النعامة التابع لسلسلة الأطلس الصحراوي، تتواجد داخل منخفض حجري شاسع غني بتنوعه البيولوجي، أشجار كثيفة، وتربة خصبة، وهي تقع على ارتفاع يقارب 2000 متر فوق سطح البحر، يظهر في هذه المحطة التي نقشها إنسان العصر البدائي داخل كهف حجري صغير، مشهد لفيلة رفقة صغيرها -الذي لا تظهر تفاصيله بشكل جليّ- وهي في حالة دفاع عنه من خطر داهم، وخلفها مباشرة يوجد نقش باهت لفيل آخر صغير يبدو أنه أضيف لاحقا في نفس الفترة، عمق النقوش وزنجرة الخطوط والأسلوب الطبيعي التصويري الذي أنجزت به مشاهد المحطة، تدل على الحقبة التي تعود إليها هذه المحطة، وهي الحقبة الممتدة بين 6000 و 8000 سنة قبل الميلاد.

ما يعطي لهذه المحطة أهمية خاصة وبالغة، هو الارتفاع الكبير الذي تتواجد به في قمة الجبل، إذ يندر أن تتواجد مثل هذه المحطات في أعالي الجبال، والملفت للانتباه أيضا هو تواجد العديد من آثار صناعة ما قبل التاريخ بأعلى الجبل، مثل المدقات الحجرية، ورؤوس السهام، وشظايا السيلاكس بتنوع وكثافة، كما يمكن ملاحظة بعض المعالم الجنائزية كقبور التيميليس التي تتواجد بالقرب من المحطة، وهو الأمر الذي يدل على أن الجبل عرف تعميرا بشريا مكثّفا في فترة العصر الحجري الحديث، والذي ربما ساعد على تواجد العنصر البشري في أعلى الجبل هو وجود مساحات سهلية واسعة، وأحواض كبيرة لتجمع المياه، علاوة على وجود العديد من العيون والمنابع المائية، كلها ساعدت إنسان ذلك العصر على التنقل والاستقرار في هذا الارتفاع. 

الكهف الحجري الذي تتواجد بداخله هذه المحطة، هو الآن بحاجة إلى إجراء حفرية أثرية متخصصة من شأنها أن تساهم في الإجابة على العديد من الأسئلة، وقد تكشف العديد من المعلومات الجديدة في هذا الموضوع. 

أحمد عقون. مير الجبال، العين الصفراء، ولاية النعامة، ماي 2022.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق