قصور الجنوب الكبير معرضة للتلف والانهيار

قصر مغرار بولاية النعامة
قصر مغرار بولاية النعامة
تصوير: (ح.


تمثل قصور الجنوب الكبير التي تعتبر جزء أساسيا من التراث المادي الصحراوي، النواة الاجتماعية والمرجع الثقافي لمناطق الجنوب، ومع ذلك تركت العديد من هذه التحف مهجورة لشبح الانهيار والتلف بالرغم من عمليات الترميم العديدة التي شهدتها.
وتعود هذه القصور المتمركزة في معظمها في منطقة الساورة إلى 15 قرنا تقريبا، وكانت تمثل النمط المعماري الذي كان متداولا في الصحراء آنذاك. لقد صمدت هذه القصور طيلة 15 قرنا لمختلف الحرائق والتقلبات الجوية وفيضانات الوديان المجاورة إلا أن بناءها بمادتي الطين والخشب جعل منها بنايات هشة ما كانت لتسلم من الانهيار لو لا مهارة سكانها.
بمجرد بناء المدن الصغيرة العصرية سارع سكان القصور في هجرتها لتركها عرضة للدمار و الخراب، في الوقت الذي أصبحت فيه عمليات الترميم مكلفة. وتزخر بعض القصور بكنوز ثقافية لا تقدر بثمن على غرار قصور توات وقورارة وتيديكلت في ولاية أدرار، والتي تحتضن زهاء ثلاثين "خزانة" أو مكتبة واقعة داخل قصور المنطقة.
تتوفر المكتبات على ما يقارب 7000 مخطوط تعالج مواضيع اجتماعية ثقافية وعلمية ودينية يعود أقدمها إلى القرن الـ12، اهتم برنامج الأمم المتحدة للتنمية، بالتعاون مع الدولة الجزائرية بهذه الكنوز التراثية من خلال تخصيص برنامج "طرقات القصور" الذي رصد له سنة 2004 غلاف مالي بقيمة مليوني دولار.
وتمثل الهدف المتوخى من هذا البرنامج في محاربة الفقر والحفاظ على التراث المادي وغير المادي وترقية سياحة "مسؤولة ومستدامة". وتمثلت مواقع التدخل التي اختارها هذا البرنامج في ولايات بشار (تاغيت وبني عباس) وأدرار (تيميمون وأغلاد) وغرداية (العطف).
وحسب تقرير، تم بفضل هذا البرنامج الذي امتد على مدى ثلاث سنوات ترميم 22 سكنا تقليديا لتصبح هياكل استقبال وفضاءات سياحية وتكوين مئات الشباب في مجالات الطاقات النظيفة والتطهير الايكولوجي، والبناء وإعادة الاعتبار للتراث المادي.
بيد أن برنامج "طرقات القصور" لم يتجسد كلية بما انه توقف في بعض المناطق مثل تاغيت، كما أن إجراءات الترميم المنتهجة لم تكن مطابقة لمعايير البناءات بمادة الطين. وقد زادت المواد المستعملة على غرار البلاستيك والاسمنت من هشاشة البنايات التي شيدت من مادة الطين.
وعلى صعيد الطاقات النظيفة والتطهير لم يسجل أي تطور، حيث أن القصور موصولة بطريقة عشوائية بالشبكة الكهربائية للمدينة، وتشوه أنظمة التطهير الهشة صورة شوارع بعض المدن قبل أن تنحدر في الهواء أو في أحسن الظروف في بساتين النخل.
وقد لجأت وزارة الثقافة اليوم، تطبيقا للقانون 04 - 98 المتعلق بحماية التراث الذي دخلت أغلبية مواده حيز التنفيذ سنة 2003، إلى تصنيف وحماية بعض المواقع التي تمثل التراث التاريخي والهندسي والثقافي أو الطبيعي للجزائر. وفي هذا الصدد ضمت الوزارة ستة من بين هذه القصور تحت جناحها قصد حمايتها والحافظ عليها والإشراف على أشغال ترميمها.
ومن جهة أخرى توجد اليوم مئات القصور التي لم تصنف بعد ضمن التراث الوطني عرضة للتلف والزوال، كونها لا تحظى بحماية قانونية وبالتالي يكون الحفاظ على هذه الكنوز المعمارية الأمازيغية الإسلامية مرهونا بمدى وعي السكان.

جريدة الشروق اليومي ليوم 09/10/2012 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق