من ينقذ نخيـــــل تيوت..!؟
عقون أحمد
عند مجيئ أول فرقة عسكرية استطلاعية استعمارية لقصر تيوت جنوب ولاية النعامة، سنة 1847. فوجئ الدكتور -فليكس جاكو- الذي كان ضمن طلائع الجنرال كفينياك- بجمال واحة تيوت، بحيث تحتل فيها الواحة موقعا استراتجيا وسط ديكور طبيعي خلاب منحها خصوصية وجاذبية، فطابعها العمراني والمعماري المميز دفعه إلى تصنيفها على أساس أنها من الواحات الرائعة في المنطقة، والتي وصفها بالأجمل والأوسع و الأكثر تنوعا وغنى والأكثرخصوبة مقارنة بواحات الأطلس الصحراوي الأخرى التي زارها.
وقد قدر عدد النخيل بها بأزيد من 7000 نخلة. والمئات من الأشجار المثمرة الأخرى. تمتد على مساحة قدرها 4كلم 2.
حيث تعتبر النخلة من أهم مقومات الحياة في الصحراء. فقد زرع النخيل على ضفاف وادي تيوت منذ قديم الزمان، واكتسبت النخلة بذلك مكانة كبيرة عند أهالي المنطقة، فقد تباع الأرض الفلاحية وتبقى النخلة تابعة لصاحبها. فبالاضافة الى ثمرها الذي يمكن اعتباره غذاء كاملا حيث يحتوي على السكريات والبروتينات والفيتامينات وأملاح مثل أملاح البوتاسيوم، وسهولة تخزينه، فإن فائدة النخلة لاتقتصر على ذلك فقط، فجميع مخلفاتها يستفيد منها الإنسان فللنخلة فوائد كثيرة خلاف ثمرها. حيث يصنع من أليافها الحبال ومواد الحشو للأثاث، ومن سعفها القفف والزنابيل والقبعات الشعبية، ومن جريدها تصنع السلال وأوعية نقل الفواكه والخضراوات والأثاث الخفيف مثل الكراسي والأسرة، كما تستعمل جذوع النخل شديدة الاحتمال، في تسقيف المنازل والأزقة بالقصر العتيق. كما تستخدم النخلة في صد الرياح والاحاطة بالمزروعات والأهم أنها تستخدم في وقف زحف الصحراء على الواحات إذ أنها مثالية في تثبيت الكثبان الرملية، وذلك لطبيعة جذورها القوية والمنتشرة أفقيا في التربة لأكثر من عشرة أمتار و طبيعتها الانبوبية الشبكية و التي تقوم بالتثبيت الهائل للتربة.
أمّا اليوم فقد أصبحت هذه الواحة الغنّاء مهددة بشبح العطش. فحوالي 80% من نخيل الواحة يتعرض للموت البطئ إثر الجفاف وانجراف التربة، بسبب نقص كمية المياه الجوفية، حيث أن موارد المياه انخفضت في السنوات الأخيرة إلى نحو 70%. بعدما جفت العيون ويبست مئات أشجار النخيل التي تزين هذه الواحة المتهاوية في أعقاب تأثر المخزون الباطني من المياه الجوفية وجفاف الآبار التقليدية التي كان يتزود بها أهالي الواحة على مدار مئات السنين.
الأمر الذي أدى إلى تقلص المساحة الزراعية المروية بشكل كبير خاصة منطقة "القرارة" "والمحاسر" "والاحلاف" والتي كانت تمون منطقة الجنوب الغربي بالعديد من المنتجات الفلاحية المتنوعة.
هذا ما دفع بالكثير من الفلاحين إلى الهجرة أو تغير طبيعة النشاط.
فلايزال الفلاح في هذه الواحة الزراعية، يسجل في ذاكرته تواجد أصناف كثيرة ومتنوعة من التمور التي تتميز بها واحة تيوت كانت تفوق 80 نوعا والتي اختفت تماما، مثل آغراس ذو الجودة العالية و الفقوس والرطبي.. اضافة الى العديدمن أصناف الأشجار المثمرة الأخرى كالتفاح، والتين. وفاكهة المشمش، والخوخ، إضافة إلى بعض الفواكه التي بدأ يضعف إنتاجها، مثل اللوز، والعنب، والرمان، والبطيخ، وعلى مستوى الخضراوات. تعاني هي الأخرى ضعف الإنتاج، إضافة إلى تدني جودتها لأسباب يجهلها المستهلك والفلاح على سواء، ومن بين الخضراوات «القرع، واللفت، والباطاطس، إضافة إلى الفجل، والبقل، والسلق، والبصل، والثوم، وغيرها من المنتجات الزراعية الأخرى.
وقد تمنى عمي قادة قوري وهو أحد الفلاحين بواحة تيوت أن تعود تيوت رائدة في الزراعة، كما كانت سابقا من خلال سرعة وضع الحلول من قبل الجهات المختصة والعمل جديا على النهوض بالزراعة، مشددا على أن الوضع خطير وحساس ويستدعي تدخلا عاجلا وتدابير استثنائية من طرف السلطات العليا في البلاد. ويذكر عمي قادة أن إنتاج النخيل تراجع في السنين الأخيرة بحدة, إذ تراجع إنتاج التمور الى نسبة 1% مقارنة بالعشرين سنة الماضية. وقال إن حالة النخيل تراجعت كثيرا إذ أدى العطش إلى اصفرار جريد النخيل وتردي حالته.
فالواحة بحاجة إلى مخططات فعّالة تبعد عنها شبح العطش، وتنأى بها عن كارثة إيكولوجية محتمة، مقترحا إنشاء سدود مائية تتولى عملية السيطرة وخزن مياه الأمطار للحالات الضرورية في المنطقة، ومراقبة الحفر العشوائي للآبار الارتوازية التي قضت على العديد من منابع العيون التي كانت تغذي الواحة.
هذا وتمثل واحة تيوت إرثا حضاريا وتاريخيا فريدا في الجزائر إضافة الى جمالها الطبيعي، حيث شهدت كبرى ملاحم رجال المقاومة الجزائرية زمن الاستعمار الفرنسي على غرار البطل الشهير "الشيخ بوعمامة" (1840 – 1908م).
كما تمتاز واحة " تيوت " باحتوائها على تشكيلة متكاملة من النقوش الصخرية، , حيث تدل المواقع الأثرية المتناثرة على محيط هذه المنطقة الرطبة والتجمعات السكانية الحالية على ارتباط الإنسان منذ القديم بها
فتتبدى كمتحف مفتوح وسط الهواء الطلق، وتنتظر تيوت الآن جهودا حاسمة لإنقاذ أهلها وكنوزها الهامة من القصر العتيق الى محطات الصخور المنقوشة الى غابات النخيل.
وقد انضمت تيوت إلى اتفاقية رامسار عام 2003 وأدرجت ضمن قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية, تتمتع هاته المنطقة الرطبة بطبيعة ساحرة وفريدة , وتضم تنوعا حيويا هاما من النباتات والحيوانات البرية والمائية , والأسماك والطيور بأنواع عديدة منها الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض.
لكم الآن أن تنظروا الفرق بين تيوت الأمس، وتيوت اليوم. ولا نقول للذين كانوا السبب في هذا الخراب والاهمال.
إلا حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم
الكاتب: عقون أحمد بلدية تيوت ولاية النعامة.
Tiout2@gmail.com
إحدى الأحواض المائية
جانب من الواحة
إحدى بساتين منطقة الأحلآف
جانب من رحبة ساحة القصر العتيق خلال السبعينيات
جانب من الواحة
انجراف التربة
بعض مظاهر التخريب والإهمال.
لكم الآن أن تنظروا الفرق بين تيوت الأمس، وتيوت اليوم. ولا نقول للذين كانوا السبب في هذا الخراب والاهمال.
بارك الله فيك اخ احمد ^^
ردحذفرائع جدا
ردحذفgreat work, thank you
ردحذفخساره فعلا
ردحذفvery nice blog
ردحذفيعطيكم العافيه
ردحذفرغم ذلك، قد زرتها منذ اسبوع فوجدتها ساحرة
ردحذفالله يهديك .. زائر لاكن السكان اذا لم تقم السلطات باعادة المياه المستعملة الضائعة بعد بتقنية و تصفيتها و الحديثة الى الجوف فقد تصبح ازمة و لن تزور الا القبور في المستقبل.
حذف