التنوع البيولوجي


* التنوع البيولوجي (Biological Diversity):
- هو المرادف الأساسي للموارد الطبيعية التي تكفل للإنسان حياته بالشكل الذي يحقق جودتها واستمراريتها. فالموارد الطبيعية البيولوجية هو كل ما يحتاجه الإنسان لكي ينعم بالحياة المزدهرة بالرفاهية.
ويختلف مدلول لفظ الموارد البشرية من شخص لشخص ومن موطن لموطن ومن زمن لزمن حسب الاحتياج لهذا المورد كما أنه يعتمد علي نوع الحضارة في أحيان كثيرة أكثر من اعتماده علي بيولوجية الإنسان نفسه.
* أنواع الموارد البيولوجية الطبيعية:
1- موارد متجددة، وهي التي لها القدرة علي العطاء المستمر الذاتي بتعقل مثل النباتات والحيوانات باختلاف أنواعها وتعتمد علي طاقة الشمس المتجددة والماء المتجدد وقد يكون غير متجددا في حالة المياه الجوفية.
2- موارد غير متجددة، وهي التي ليست لها القدرة علي العطاء بشكل مطلق لكنها موجودة بكميات محدودة تتناقص مع الاستخدام أي ليست ذاتية التجدد ومنها المعادن والوقود الحفري.
- ويندرج تحت هاتين الفئتين الأساسيتين الموارد التالية:
- أولاً - الغابات والزراعة:
تمثل الغطاء غطاء طبيعياً لربع مساحة القارات تقريباً، حيث توجد درجة عالية من الأمطار والرطوبة والحرارة فهي تحمي التربة تحتها من شدة البرد أو الجفاف. تحتوي الغابات المخروطية والغابات متساقطة الأوراق والغابات الاستوائية علي آلاف الأنواع النباتية من أشجار وشجيرات وأنواع متسلقة ونباتات ظل، وتتخللها جميعاً آلاف الأنواع الحيوانية من ثدييات وطيور وزواحف وحشرات وعناكب وديدان ثم الفطريات والبكتريا موزعة بين الجذوع والأغصان والأوراق وبين ثنايا التربة وتحتها.
وتعد الغابات مصدراً غنياً للأخشاب التي تتعدد استخداماتها في البناء والآلات والأثاث، كما تستعمل في صناعة الورق والحرير الصناعي، وكذلك نستخرج من نباتاتها الأصباغ والصمغ والزيوت وبعض العقاقير .. كما تمد الإنسان ببعض أنواع الثمار. وأما حيواناتها فهي مصدر للجلود واللحوم والعاج والوبر، لا تقف الاستفادة منها عند هذا الحد فهي تشكل متنزهات للترفيه والاستجمام.
ويكمن الخطر في انقراض هذه الثروة في استعمال أخشابها كمصدر للطاقة وفي إزالة أشجارها بالقطع أو الحرق، أو في إبادة حيواناتها البرية بالإسراف في الصيد مما أدى إلي استمرار تدهور الغابات ونقص مساحاتها مع التوسع في الزراعة ونشر العمران.
وتتجلي بوضوح ظاهرة التنوع البيولوجي في الغابات الطبيعية والتي تعني تواجد كم كبير من الأنواع الحية التي تتعايش في علاقات متبادلة فتسبب استقراراً وتوازناً للمجموعة البيولوجية في الغابة. وتشكل الأحياء البرية في الغابة من نبات أو حيوان مدخراً أو ثروة باقية للأحياء علي امتداد الزمن، كما تمثل بنكاً للجينات قد يستفاد بها في عمليات إنتاج سلالات جديدة بعمل تهجينات وراثية تكون لها صفات تزيد من سرعة النمو وزيادة الإنتاج ومقاومة الجفاف والأمراض والآفات. وتدلنا دائماً التجارب والدراسات أن الزيادة في أي نوع من أنواع الموارد الحية يتيح لها الاستقرار والثبات في وجه تقلبات البيئة علي عكس المجموعات قليلة التنوع التي تتعرض للتدمير أو تغيرات البيئة من حولها حتى ولو بدرجة بسيطة ... فالنظام البيئي المتوازن يشمل العديد من الأنواع لكل منها دوره ووظيفته بشكل متكامل شديد التماسك .. فإذا اختزلت بعض الأنواع منه اختلت الأدوار واهتز التوازن. وهكذا يصبح تحويل هذا التنوع الطبيعي في الغابة إلي حقول زراعية بها محاصيل لأنواع محدودة خطراً علي الاستقرار ... فالمحصول الواحد يكون مهدداً بخطر الآفات الحشرية أو الفطريات التي تتزايد فيه إلي حد الكارثة ما لم يتم مكافحتها.
ولا تحتاج حياة الأحياء في الغابات رعاية خارجية، لأن الدورة فيها متصلة، فإذا أخذت الأشجار والأعشاب من الأرض عناصرها ثم أكلت الحيوانات ثمارها وأوراقها – فلابد وأن يعود ذلك إليها يوماً. فكل ما يعيش فيها وعليها سوف يتساقط ويتحلل علي أرضها، وتعود إليها عناصرها كما كانت . وعلي العكس من ذلك يحدث للأراضي الزراعية ... ولدينا مثال للأراضي الزراعية وكانت تربتها غنية بعناصرها وأنتجت محاصيل هائلة من القمح والشعير. كما كانت غنية بالحدائق والمراعي ثم أصبحت بعد ذلك جرداء مهجورة .. لأن أهلها كانوا يصدرون الحبوب والثمار لعدة قرون دون تعويض لما تفقده التربة من العناصر المختلفة. وتكرر نفس الخطأ في بلاد متعددة من آسيا وأفريقيا، وما يحدث الآن من تصدير للمحاصيل واستهلاك لخيرات الأراضي الزراعية بواسطة سكان المدن الكبيرة دون إعادة للعناصر المسلوبة من التربة وبخاصة المعادن المختلفة والنادرة الأمر الذي يؤثر في خصوبة التربة عاماً بعد عام .. فالحلقة كادت تنقطع لأن الأسمدة الكيماوية غير العضوية التي يضيفها الفلاح إلي أرضه غير مكتملة الفائدة لاحتوائها علي ثلاثة أو أربعة عناصر والنبات يحتاج إلي أكثر من عشرين عنصراً كانت موجودة أصلاً في التربة وتناقصت بالزراعة المتوالية والتصدير .. إن الزراعة الحديثة باستخدام الأسمدة الكيماوية تخرب التربة وتحولها إلي أرض قاحلة لا تقوى علي الاستمرار في الإنتاج.
- ثانياً - الأحياء المائية:
تغطي مياه البحار والبحيرات والأنهار حوالي 72% من سطح الأرض، وتزخر بالعديد من الأحياء المائية التي ظل الإنسان يقتنص خيراتها طوال تاريخه .. وهي تعد مصدراً متجدداً لكثير من المواد الغذائية والعناصر الكيماوية الهامة ومواد متنوعة الاستخدام كاللؤلؤ والمرجان والإسفنج والصدف إلي جانب دورة الماء العذب بين الأرض والجو والأحياء.
وتحفظ البحار الحرارة علي الأرض وتشعها علي اليابسة بفضل احتفاظ الماء بالحرارة وفقدها ببطء، مما يتيح ظروفاً مناسبة للحياة في مياهها وعلي أعماق مختلفة. كما تعمل البحار علي تلقي كل ما يسيل علي اليابسة من مركبات وملوثات وترشحها ليعود استخدامها في دورات جديدة بين الأحياء المختلفة. وتمد البحار جو الأرض بكمية كبيرة من الأكسجين خلال عملية البناء الضوئي للطحالب البحرية المنتشرة علي مياهها السطحية وللبحار دور كبير في الملاحة والسفر والتجارة الدولية، كما توفر شواطئها أماكن جيدة للترفيه والرياضة المائية.
وتبدأ الأحياء البحرية بسلسلة المنتجين وهي الطحالب البحرية والهائمات المجهرية النباتية التي تشكل قاعدة هرم الغذاء في البحر ... ويليها عدة سلاسل من المستهلكين في شكل أوليات ويرقات أسماك وديدان صغيرة ثم أسماك أكبر فأكبر، مثل السردين والرنجة والسلامون ثم التونة والقرش ثم الحيتان المفترسة والإنسان يتغذي علي تلك الأسماك، ويمثل قمة هرم الغذاء في البحر. وتتوفر في البحر سلسلة من المحللين علي شكل بكتريا وفطريات تقوم بتحليل أجسام الأحياء الميتة أو الفضلات العضوية إلي عناصر غير عضوية تتاح من جديد للاستخدام في بناء أجسام الأشكال المنتجة بفضل طاقة الشمس وثاني أكسيد الكربون والماء.
وتشكل المياه البحرية بيئة خصبة للأحياء المختلفة .. فهي تتفاوت في العمق من عشرات الأمتار في بعض البحار والخلجان الضحلة إلي أكثر من عشرة آلاف أمتار في بعض المحيطات. ومتوسط عمق البحار 3800 م وهي مأهولة بالأحياء بدرجات متفاوتة فتتوفر في الطبقات العليا وتقل مع زيادة العمق لظروفها الشديدة البرد والظلام وزيادة الضغط وندرة الغذاء. ويا تُري ماذا عن خضراوات البحر؟!!
هل تعرفتم وتوصلتم إلي خضراوات البحر، إنها الطحالب التي تشكل جزءاً لا يستهان به من مصادر الأحياء المائيةولها ألوان وأحجام مختلفة فمنها الأزرق والأحمر والبني والأخضر والذهبي بسبب اختلاف أصباغها وتنوعها في العمق "لاصطياد" موجات أشعة الشمس المختلفة واستخدامها في البناء الضوئي.
وتصلح الطحالب البحرية كغذاء للإنسان والحيوان وكمصدر للعقاقير والأصباغ والفيتامينات والأملاح، كما تمثل مراعي بحرية للأسماك وغيرها .. بل إن فيتامين (أ) المتوفر في زيت السمك وكبد الحوت مصدره الطحالب التي تتغذي عليها الأسماك فهي وحدها القادرة علي صنع هذا الفيتامين دون الحيوان. تمتص الطحالب أملاحاً معينة كاليود وتختزنه في أنسجتها التي تصل إلي الأسماك ومن ثمَ إلي الإنسان ... بل إن مرض تضخم الغدة الدرقية غير معروف في المناطق التي يتناول سكانها أعشاب البحر وأسماكه كما ثبت أن الطحالب البحرية لها تأثير كمضاد حيوي ضد بعض البكتريا والفطر.
وعموماً فإن الطحالب البحرية تمثل ثروة طبيعية، فمنها ما يصلح كطعام ومنها الدواء ويصنع أيضاً منها الآجار والألجين ... فالآجار تستخدم كوسط في مزارع البكتريا وفي دراسات الدم والأنسجة ، وفي مجال حفظ الأغذية المعلبة لمقاومة البكتريا بها، كما تدخل في صناعة الأدوية مثل تغليف الكبسولات لمقاومة عصارة المعدة ... وأخيراً تستخدم الآجار في صناعة أطباق الحلوي ... أما الألجين فقد دخلت في صناعة أنسجة تقاوم الحريق والبلل وتستخدم في أغراض عسكرية ومدنية متنوعة، وتوجد أنواع منها تصلح كعلف للحيوان.
أما الهائمات المجهرية فهي مصدر ثروة أساسي لغذاء الأحياء البحرية الصغيرة إلي جانب بعض الحيتان الضخمة مثل الحوت الأزرق. ويمكن جمع الهائمات البحرية بمرشحات أو شباك خاصة واستخدامها كغذاء للإنسان بعد معالجتها أو تقديمها كعلف للدواجن والماشية أو استخلاص عصارتها البروتينية.
وهناك اتجاه سائد للاقتصاد في استخدام الموارد البحرية ... حيث أن كل سلسلة من هرم الغذاء ينتقل منها حوالي 10% إلي الحلقة التالية لها، ولو انتظرنا لحصاد أسماك مثل التونة أو السردين فسوف تهدد كمية كبيرة من الطاقة .. حيث يأتي كيلوجرام واحد من سمك التونة من عشرة كجم من السلامون التي تنتج من 100 كجم من السمك الأصغر الذي يأتي من 1000 كجم من الديدان والقشريات التي تنتج من 10000 كجم من الهائمات الحيوانية التي تتغذي علي 100000 كجم من الهائمات النباتية ولهذا يفضل النزول نحو قاعدة الهرم الغذائي للحصول علي كمية أكبر من الغذاء الذي يلزم أعداد البشر المتزايدة.
والإمداد السمكي للبحار يقدر حالياً بحوالي 75 مليون طن من السمك والمحار والقشريات ويستخدم منها حوالي الربع كعلف للحيوانات والدواجن .. وأكثر المياه البحرية إنتاجاً هي المياه الساحلية الغنية بالمصبات والتيارات وهي تغطي 49% أيضاً، والكمية القليلة الباقية 2% يتم اصطيادها من مياه البحر المفتوح الذي يشكل حوالي 90% من مساحة سطح البحر .. فهو فقير في الإنتاج لبعده عن الشواطيء ونقص العناصر التي تنزل إلي البحر من اليابسة.
وللبروتين السمكي وما تدره الأسماك والحيتان من لحوم وزيوت وفيتامينات وما يتبقي من هياكلها كمصدر للجير يستخدم كسماد وكغذاء للحيوان، وهناك القشريات والمحارات وما تحتويه من غذاء وأصداف، كما أن المرجان يستخدم في الزينة وكمواد بناء ويعمل علي إيواء كثير من الأحياء البحرية ومراحلها الصغيرة فيوفر لها الحماية الضرورية.
ورغم أن البحار لديها إمكانيات هائلة للثروة – فقد أساء الإنسان استغلالها في الصيد، وبإلقاء الملوثات التي تتراكم في أجسام أحياء البحر تسممها أو تقلل من إنتاجها. ولو تعامل الإنسان مع البحر بالرعاية الكافية مثلما يرعي أرضه الزراعية وتحولت نظرته نحوه من مجرد صائد إلي زارع يحافظ علي مزرعته من أي ضرر – لزاد البحر وغطي حاجة البشر المتزايدة. ولذا تتجه الدول الساحلية حالياً إلي استزراع الشواطيء بالأسماك والقشريات والمحار وتوفير الرعاية لها حتى تنمو وتتكاثر.
ومن المصادر المرتبطة بحياة الإنسان المياه العذبة في البحيرات والأنهار وما يستمده منها الإنسان من ماء للشرب والري ومن أسماك متنوعة أيضاً.
وتشبه سلسلة الغذاء في الماء العذب ما ذكر بالنسبة للبحر فيما عدا اختلاف الأنواع من الهائمات والطحالب وحتى الأسماك التي تتكيف هنا للماء العذب. ولما كانت البحيرات والأنهار أقل عمقاً من البحار ، فإنها تتأثر بتراكم الفضلات والملوثات . وبخاصة لو كانت محاطة بكثافة سكانية عالية مثل بحيرات أمريكا الشمالية التي تسممت أحياؤها حيث حرم الصيد من مياهها حالياً ..
- ثالثاً - الحياة البرية:
إن واحدة من أهم الموارد البيولوجية الطبيعية هي الأحياء البرية في البراري والغابات والصحراء سواء نباتية أو حيوانية .. وقد أصبح كثيراً منها مهدداً بفضل التوسع العمراني وزيادة السكان وسوء استغلال الموارد .. فهل لم يعد مكان علي الأرض إلا للإنسان وما بحوزته من حيوانات مستأنسة ونباتات يزرعها؟ وهل له الحق في تدمير بقية الأحياء؟
إن لكل نوع حي دوراً هاماً في الحفاظ علي التوازن البيولوجي، فبعض الحيوانات غير المرغوب في وجودها، مثل الضواري كالذئاب والنمور والثعابين وغيرها تلعب دوراً كبيراً في حماية المراعي كمصدر متجدد .. فهل تقلل من أعداد قطعان الرعي بحيث لا تهلك جوعاً بسبب تزايدها، وتفني المراعي وتتحول إلي أرض قاحلة ..
وبسبب الصيد الجائر وتطبيق المبيدات الفتاكة انقرض كثير من الأنواع من الحيوانات والطيور والجاموس والغزلان والذئاب والدببة والصقور والحمام وغيرها، وأصبح الكثير منها نادراً. ويتنبأ العلماء بانقراض ما يربو علي نصف الحيوانات والنباتات البرية بنهاية هذا القرن .. ولذلك تهتم الدول بإنشاء محميات طبيعية تلقي فيها الحيوانات والنباتات البرية كل الرعاية والحماية سواء علي اليابسة أو علي الشواطيء البحرية. وفي المحميات المذكورة تنعم الأحياء البحرية بالرعاية لتبقي ذخراً للأجيال القادمة، كما تعد بنكاً للصفات الوراثية النادرة .. وهي تمثل متنزهات للإنسان بغرض التوعية بأهمية المحافظة علي البيئة عامة والحياة البرية خاصة، إلي جانب إتاحة الفرصة للبحث العلمي لدراسة إمكانية الحصول علي أنواع جديدة منها في المستقبل.
- رابعاً - الثروة البشرية:
تعتمد الأمم في نهضتها علي مورد لا غني عنه الثروة البشرية وهي القادرة علي استثمار الموارد الأخرى وتنميتها. وفي هذا المجال تصنف الأمم علي أساس التفاعل بين الموارد الطبيعية وبين ثروتها البشرية إلي أربعة أقسام بعد أن كانت ثلاثة:
• دول متقدمة.
• دول نامية.
• دول متخلفة.
1- أمم غنية – غنية: وهي الدول التي اكتملت لها مصادر الثروة الطبيعية مع الثروة البشرية، فحققت لها التقدم والازدهار كما في دول أوروبا وأمريكا.
2- أمم غنية – فقيرة: وهي الدول التي تزخر بمصادرها وخاماتها الطبيعية، لكنها تفتقر إلي الإمكانات البشرية القادرة علي استثمارها مثل دول الخليج العربي.
3- أمم فقيرة – غنية: وهي الدول الفقيرة في المصادر الطبيعية ولكنها غنية بالعقول والخبرات القادرة علي تنمية تلك المصادر وزيادتها كما في مصر والهند.
4- أمم فقيرة – فقيرة: وهي الدول التي تعاني من الفقر في المصادر وفي الثروة البشرية معاً، فيكون الفقر مضاعفاً مثل دول إفريقيا الصحراوية (كالصومال وتشاد).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق